جلس أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يوما مع أصحابه فقال لهم: تمنوا، فقال الأول: أتمنى لو أن لي دار مملوءة ذهبا أنفقه في سبيل الله.
وقال الثاني: أتمنى لو أن لي دارا مملوءة لؤلؤا وجواهرا أنفقها في سبيل الله، فقالوا له وأنت يا أمير المؤمنين ماذا تتمنى؟
فقال رضي الله عنه: أتمنى لو أن لي رجالا مثل أبي عبيد بن الجراح ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة فأستعين بهم على إعلاء كلمة الله.
أعاجيب:
هناك من الرجال من قد يساوي مائة رجل، ومن الرجال من قد يساوي ألف رجل، ومن الرجال من لا يساوي شيئا (وهو الرجل الصفر)
أمثلة من واقع الكبار:
المثال الأول:
لما حاصر خالد بن الوليد رضي الله عنه بلاد الحيرة طلب المدد من أبي بكر رضي الله عنه، فأرسل له رجلا واحدا وهو القعقاع بن عمرو التميمي رضي الله عنه وقال له: يا خالد أرسلت لك رجلا بألف رجل.
المثال الثاني:
لما حاصر عمرو بن العاص رضي الله عنه بلاد مصر طلب المدد من عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأرسل له أربعة من الرجال وهم:
الزبير بن العوام والمقداد بن عمرو وعبادة بن الصامت ومسلمة بن مخلد رضي الله عنهم جميعا وقال له: يا عمرو مددتك بأربعة رجال كل رجل منهم بألف رجل
أمثلة من واقع الشباب:
دخل شاب على أحد الخلفاء الأمويين وكان هو المتحدث الرسمي باسم قومه فقال له الخليفة: ارجع يا فتى وليتقدم في الكلام من هو أسن منك.
فقال الشاب الذي تلمع فيه حياة الرجولة: يا أمير المؤمنين لو كان التقدم بالسن لكان في الأمة من هو أولى منك بالخلافة فسكت الخليفة وتكلم الشاب بما يريد
أمثلة من واقع الصغار:
ها هو أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يمر في طريق من طرقات المدينة على أطفال يلعبون فلما رأوه هرولوا ولم يبق منهم إلا واحدا وهو عبد الله بن الزبير فقال له عمر:
لم لم تهرب مع أصحابك؟ فقال الطفل الذي تلمع فيه حياة الرجولة يا أمير المؤمنين: لم أفعل ذنبا فأخافك، ولم تكن الطريق ضيقة فأوسعها لك
من معاني الرجولة:
الرجولة قوة نفسية تحمل صاحبها على معالي الأمور وتبعده عن سفاسفها
الرجولة قوة تحمل صاحبها على أن يؤدي واجبه نحو ربه، وواجبه نحو نفسه، وواجبه نحو أهله ودينه وأمته
الرجولة بعد عن الميوعة واعتزاز بالشخصية واقتداء بالهادي محمد صلى الله عليه وسلم
الرجولة حفاظ على النفس من أن تكون ألعوبة في أيدي اللوطيين
الرجولة تعني الإصلاح لا الإفساد
الرجولة تعني تأليف القلوب لا تفريقها
الرجولة تعني العمل لا القعود بلا عمل
الرجولة تعني التواضع ولين الجانب لا الكبر واحتقار الناس
الرجولة تعني القناعة بالحلال مما أباح الله من الزوجات (واحدة أو اثنتين أو ثلاث أو أربع) لا الوقوع في الحرام وفي أحضان المومسات والبغايا
الرجولة تعني الدور الايجابي للرجل في بيته وفي أهله وفي قريته وفي مدينته وفي دولته لا الدور السلبي.
س كيف تجعل من ابنك رجلا؟
1- الحضور بالولد إلى مجالس الرجال العامة، وجلوسه مع الكبار بأدب واحترام
2- تعليم الولد الأدب مع الكبار، بالسلام عليهم واحترامهم وتقديرهم
3- احترام الولد وتقديره إذا حضر إلى مجالس الرجال الكبار وعدم إخراجه من المجلس بل لا يجوز إخراجه من مجالس الرجال لان هذا هو مكانه الذي سبق له
4- إعطاء الولد بعض الكتيبات التي فيها قصص الأبطال السابقين من مثل الصحابة والتابعين.
وهكذا قادة الفتح الإسلامي مثل: قصة خالد بن الوليد، قصة عمرو بن العاص، قصة سعد بن أبي وقاص، قصة القعقاع بن عمرو، قصة حمزة بن عبد المطلب، قصة محمد الفاتح...
5- أن يتعلم الولد بعض الممارسات الرياضية الرجولية مثل الرماية والسباحة وركوب الخيل
6- لا لا لا يجوز إهانة الولد أمام الناس وكسر شخصيته، بل الواجب تأديبه وتهذيبه وتعليمه الواجب عليه برفق واحترام
7- حرص الوالد على أن يجنب ولده أسباب الميوعة والترف، فيمنع الولد من رقص كرقص النساء وتمايل كتمايلهن ومشطة في شعره كمشطتهن ومنعه من لبس الحرير والذهب ونحو ذلك من ألبسة النساء
8- يستحب أن يجعل لكل واحد من أولاده كنية خاصة به، تنمي إحساسه بالمسؤولية وتشعره أنه رجل فتقول له: يا أبا فلان يا أبا عبد الله يا أبا محمد يا أبا إبراهيم...
9- تعليم الولد أن يكون جريئا في بعض المواضع التي هي محلها مثل: أن تكون عنده جرأة على الأذان فيؤذن بالناس.
أن تكون عنده جرأة على الإمامة في الصلاة فيصلي بالناس، أن تكون عنده جرأة على الخطابة فيخطب بالناس، أن تكون عنده جرأة على الحديث فيتحدث في الإذاعة الصباحية، وهكذا
10- أن يكون الولد محتشما في ملابسه بل ويتجنب الميوعة في لباسه وفي قص شعره وفي حركاته وفي مشيته
11- إبعاد الولد عن الترف والبذخ والكسل والراحة
12- إبعاد الولد عن مجالس اللهو والباطل والغناء والموسيقى وما فيها من التكسر والغرام والميوعة
13- إلزام الولد بالصلاة، خاصة صلاة الفجر والعصر التي ينام عنها البعض من الناسز
فإن حضور الولد للصلاة جماعة مع المسلمين دلالة على رجولته ويصدق ذلك قول الله تعالى (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال).
وقول الله تعالى (فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) فهنيئا للشباب الذين يؤدون الصلاة جماعة مع المسلمين هذا الوصف من الله لهم بالرجولة0
الكاتب: حسام العيسوي إبراهيم